ما هي عملياً وظيفة الطقوس وكيف بها ننتمي إلى الكنيسة الانتماء الذي نتكلم عنه؟ جواباً عن هذا السؤال سنورد هنا النقاط التي تبين وظائف الطقوس الرئيسية
آ- إننا ننتمي إلى الكنيسة بالطقوس أولاً عن طريق الأسرار الكنسية السبعة، ابتداء من سر المعمودية.
إن سر المعمودية وسر الشكر هما في هذا المضمار السران الرئيسيان - الأساس والقمة - النابعان من جنب المخلص بالماء والدم الكريمين. ولكن يمكن القول بصورة عامة أن الأسرار الكنسية ينطبق فيها أكثر ما ينطبق مفهوم السر الروحي الذي ذكرناه آنفاً والذي يمد حضور المسيح بيننا حضوراً حقيقياً غير منظور من وراء المادة المنظورة.
بالأسرار الكنسية المنظورة (بالماء والدم..) نأخذ خلاص الله ونعمته سرياً ولكن بصورة (عضوية) إذا جاز القول (من جنب المخلص..)، نأخذ شيئاً من حياة الله.
الأسرار الكنسية بالنتيجة تعطينا الله لكي تحولنا إليه . تلدنا في الله. وهذا معنى كلمة (مسيحيين) أي منه، من طبيعة المسيح.
هي تسكب فينا نعمة الرب فتفعل فينا فعل حياة، فعل خلق روحي بشكل سري دون أن ندري كيف، على مثال الطعام الذي يبقينا في الحياة دون أن ندري كيف. ولذا فهي، كل سر في وقته وفي ظرفه، أداة ولادة لنا ونمو في الرب إلى أن نبلغ إلى ملء قامته، ولذا تطابق أهم أطوار حياتنا: الولادة، الزواج أو الكهنوت.. المرض والموت.. ولذا فإن البعض منها كسري التوبة والشكر، جعل للممارسة المتكررة المتواترة، للتجدد والاغتذاء الدائم.
وقد تكلم الرب يسوع إصحاحاً كاملاً في إنجيل يوحنا ليقول ويردد:
(جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق.. من لا يأكل جسدي ويشرب دمي ليست له حياة فيه)(يو6).
بالأسرار الكنسية تنبت حياة الله فينا وتغيرنا. تؤلهنا كما يقول الآباء، تجعلنا مشاركين الطبيعة الإلهية كما يقول بطرس الرسول، لأنه ما قيمة تجسد المسيح وانحداره إلى أعماق طبيعتنا إن لم يكن ليعطينا حياته الإلهية؟..
ولكن ممارسة الأسرار ليست من باب الامتلاك ولا من باب الاكتفاء، لأن الله لا يمتلك بل يسعى إليه وهو الذي يأتي كما قلنا. ونحن في الأسرار ننال (عربون) الحياة ونطلب المجيء الكامل (بأكثر حقيقية) كما نقول في القداس الإلهي. فممارسة الأسرار هي إذاً لا من باب الاكتفاء بل من باب الفقر والعوز، من باب الانفتاح المؤمن والامتداد نحو الله، لأن منه هي عين الحياة.
وبالإضافة إلى الأسرار الكنسية السبعة هناك الخدم التقديسية التي تطهر وتقدس الإنسان في ظروف حياته وبيئته كلها، كالصلاة على الولادة والمرضى والموتى وتقديس الكنائس والأيقونات ومباركة الطعام والحقول والمياه.. لقد قدس الرب الخليقة بوجوده على الأرض وسيره فيها ومشاهدته الطيور واعتماده في المياه.. وشفى المرضى وبارك الأولاد.. وأعطى تلاميذه القوة نفسها.
والخدم التي نحن بصددها تواصل بركات الرب هذه وتحملها إلى الكون كله لأن الخليقة أيضاً تئن وتتمخض متوقعة التبني والعتق من عبودية الفساد (رو8). ولذلك نكثر أيضاً من هذه الصلوات كرش البيوت بالماء المقدس ووضع الصلبان والأيقونات في المنازل وغيرها (لتطرد القوات الشريرة وتسهل العلاقات بين البشر) .
وهكذا فإن الطقوس في وظيفتها هذه الأولى- الوظيفة السرية - تمنح نعمة الرب وتنشرها في الكون حتى تتقدس بها الطبيعة شيئاً فشيئاً وتتحول من جديد إلى الله بالمسيح (الذي به جميع الأشياء ونحن به) (1كو6:8) .
ب- أما وظيفة الطقوس الثانية فهي الوظيفة الجماعية أي التي ننتمي بها إلى الكنيسة عن طريق الجماعة، شركة المؤمنين المتألفة حول الرب.
إن اجتماع المؤمنين أمر بديهي كما رأينا والطقوس هي التي تجمعهم. لماذا؟ الناس عندما يلتئمون يلتئمون عادة لغرض أو فكرة ما أو حول شخص، ويميلون إلى تأليف وحدة حول ذلك الغرض أو ذلك الشخص.
ونحن حين نجتمع في الطقوس نجتمع أصلاً لنؤلف وحدة، ووحدة حول المسيح. حين ابتدأ الرسل يجتمعون بعد القيامة والعنصرة كانت اجتماعاتهم مليئة بذكر المعلم وبحياته وأقواله وطيفه، بل كانوا يجتمعون من أجل ذكره وحوله، ليصنعوا ما أوصاهم به لذكره.. وكان قد قال لهم:(إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي أكون في وسطهم).
وذكره هذا واسمه وحضوره بينهم كان يوحدهم، يجعلهم جماعة واحدة وشركة، جسداً واحداً به وفيه .
تلك هي وظيفة الطقوس التي نحن بصددها. إننا عندما نجتمع حقاً كتلاميذ للرب، حول الحمل وحول الكلمة وحول أعياد السيد، نختبر في داخلنا هذا الشعور بالجماعة، بالجسد الواحد، فتصعد صلاتنا حقيقية وتلقائياً بفم واحد وقلب واحد، ونجيب بعضنا بعضاً كالملائكة قدوس قدوس قدوس المجد لك يا الله، ونرتل (المسيح قام) يوم الفصح كإنسان واحد، ونسجد في العنصرة سجدة واحدة.. واختبارنا هذا للجماعة الواحدة (وأيضاً لوحدة كل البشر...) يقربنا من حقيقة أخيرة من أعمق الحقائق وأرهبها أعني بها كوننا كثيرين وواحداً في الوقت ذاته، على صورة الثالوث القدوس، الثلاثة في واحد.. لا نستطيع الخوض في هذا السر الرهيب ولا إدراكه.
ولكن لا شك أن الطقوس تجمعنا باسم المسيح لتوحدنا بروحه القدوس، على صورة الله الثالوث، (لتجمع أبناء الله المشتتين إلى واحد)، (ليصيروا واحداً كما نحن). بعبارة أخرى لتشركنا بالله سرياً وتعطينا إياه في هذا الشكل وعلى هذه الصورة: في الجماعة. وهذا هو معنى الآية (أكون في وسطهم). إن اجتماعنا باسمه يجعله في وسطنا فنتحد بعضنا ببعض وبه ونصير واحداً فيه.
ولذا صلاتنا في الطقوس تختلف عن صلاتنا الفردية، وهذه لا تستطيع أن تقوم مقامها. في الكنيسة يصير لنا وضع آخر، هوية أخرى، لأننا نصلي صلاة الكنيسة. إني أشعر حينذاك أني أصلي لا صلاتي أنا بل صلاة الكنيسة وأنشد نشيد الكنيسة وأسجد سجود الكنيسة. أصلي وأسجد بدون كلفة ولا إجهاد لأن صلاة الكنيسة هي الجارية وهي تسندنا وتحملنا في صلاتنا. نحن ندخل ونشترك فيها وبقوتها أكثر مما نصنعها، لأن قوة الروح القدس فيها وهو قائدها..
ولذلك لا عبرة هنا لقيمة الكاهن الشخصية ولاستحقاقه أو عدم استحقاقه. صلاة الكنيسة فوق الكاهن وأعلى وأوسع منه ومنا بكثير. يكفي فقط أن ندخل حقاً في الصلاة الجماعية ونتجاوز أنفسنا رغم عدم استحقاقنا أو تفرقنا لنأخذ من روح الرب نعمة واتحاداً ومحبة على صورته.
ج- قلت إن الطقوس تجمعنا حول الحمل وحول الكلمة وحول أعياد الرب. إن اجتماعنا حول الحمل في العشاء السري هو القمة والنهاية، تتويج وتحقيق لكل غاية الكنيسة على الأرض. أما اجتماعنا حول الكلمة، حول الكتاب المقدس، فإنه يعطينا أيضاً خلاص الرب عينه والرب ذاته في قوة كلمته.
إن الطقوس لا تورد الكتاب حرفاً ميتاً ولا على سبيل الاستشهاد به، ولا تسرده متجزئاً كيفما اتفق، بل تقدمه حياً محيياً، كلاما معاشاً مترابطاً. إننا نعلم أولاً أن طقوسنا مشبعة بالكتاب تردد آياته بألف شكل، في تلاواتها وتراتيلها وأفاشينها، بصورة مباشرة وغير مباشرة.
ونستطيع القول إنها منسوجة منه إلى حد بعيد في كثير من الأحيان وهي لا تشعر بحاجة إلى ذكر الإصحاحات والأعداد. ثم تختار لنا المقاطع المناسبة لكل ظرف بحكمة إلهية. ثم ترتيبها لنا وتسلسلها في الزمن الطقسي بصورة تدريجية وشاملة بإلهام من الروح. ويضيق بنا المجال لنشرح مثلاً تتابع أناجيل آحاد ... الصوم الكبير بالنسبة لتهيئة النفس وصعودها نحو الفصح، أو أناجيل آحاد ما بعد الفصح وارتباطها العميق العجيب بالنسبة لنتائج القيامة في حياة النفس والجماعة.
ثم تفسر لنا الطقوس الكلمة بالكلمة كمقطع العهد القديم بمقطع العهد الجديد الذي يحققه، أو مقطع الإنجيل بمقطع الرسالة الذي يوضحه. إن إنجيل أحد الفريسي والعشار مثلاً ترافقه رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس حين يقول:(أما أنت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وقصدي وإيماني وأناتي ومحبتي وصبري). وكأنه يتباهى كالفريسي تماماً، ولكنه يتابع ويقول (في المسيح يسوع) ويكرر أيضاً (بالإيمان بالمسيح يسوع).
وذلك لنتعلم أن الرب لا يذم البر في مثل الفريسي والعشار، بل البر الذاتي المنسوب للذات وغير المبني على نعمة الرب وبره هو فينا. كذلك أذكر لكم أيضاً أن الكنيسة في أسبوع كل من مرفع اللحم والجبن قبل الصوم مباشرة تتلو علينا أناجيل آلام المسيح وصلبه لئلا ننسى أن جهادنا في الصوم مبني على ومستمد من جهاد المسيح وآلامه وليس منا وإلا صار عقيماً مميتاً ولا مؤدياً إلى القيامة..
فالطقوس إذاً تقدم لنا خلاص الله في كلمته الإلهية الحكيمة المتجهة إلينا حية حكيمة (مضمونة)، موقعة بالروح. ولا ضرورة للتأكيد على الكرامة الخاصة التي للإنجيل المقدس في طقوسنا إذ نحمله وندور به ملتفين حوله ونضعه على المائدة المقدسة مع جسد الرب على الدوام، لأنه يمثل المسيح بالذات حاضراً بيننا مكلماً إيانا.
ولذلك في الأديرة القديمة التي تعيش الطقوس كلها- كدير القديس سابا مثلاً- لا يهتمون مطلقاً للوعظ لأن الطقوس تحوي الوعظ . أما نحن فلا نستطيع أن نستغني عن الوعظ بل الوعظ هو الآن حاجتنا الحيوية بالنظر لجهل الشعب وفقدان وسائل تعليمه تقريباً. ولكن على كل حال يجب أن لا يصبح الوعظ عندنا نوعاً من حمى أو وسواس، أو روتين، وعظاً من أجل الوعظ، وأيضاً أن يغرف من كنز الطقوس ويفسرها ويوضح مقالها لأن الكنيسة في الطقوس هي التي تعظنا وتهدينا وتصنعنا..
د- أما اجتماعنا حول أعياد الرب فقصدت به كيف أن الطقوس تعرض لنا أسرار الخلاص بشكل متسلسل على مدار السنة ولا مجال للتطويل هنا.
فيكفي أن نعرف أن الطقوس بترتيبها كل الصلوات والأعياد حول ذكر تدبير المخلص بالنسبة لسقوط الإنسان تُوجِد مثْلَ زمان مقدس ضمن زماننا العادي يفتح زماننا على الحياة الأبدية. على هذا الأساس ساعات النهار في الصلوات اليومية تصعد بنا كل يوم إلى القداس الإلهي، وأيام الأسبوع تصعد بنا إلى الأحد، وتَتابُعْ الآحاد والأعياد يَصعد بنا إلى عيد الفصح- وعيد الفصح جزء من الدهر الآتي- يضفي بهائه ونعمته على كل أيام السنة.
وهكذا لا يعود الزمان مشتتاً ولا مغلقاً بل يصير علامة وسلَّماً نحو الحياة الأبدية.
هذا كله لأن الطقوس الجارية في الكنيسة تعكس في الحقيقة الواقع السماوي، والطقوس الجارية على الأرض حقيقتها وينبوعها في السماء.
تذكرون كيف يروي لنا ذلك سفر الرؤيا لما كان الرسول يوحنا الحبيب منفياً في جزيرة باتموس محروماً من القداس الإلهي وكان (يوم الرب) يقول الكتاب، أي يوم الأحد، فيعطيه الله أن تنفتح له السماء بالروح ليرى القداس كما هو جارٍ في السماء أي حقيقة القداس الذي على الأرض، فيشاهد تسبيح الظفر من الملائكة والبشر ملتقين وساجدين حول الحمل المذبوح والحي في آن واحد، أي المسيح المصلوب والقائم من بين الأموات.
والقداس الإلهي هذا هو جوهر تدبير المسيح، كما قلنا، الطقوس كلها تهيئ له وتنبع منه.. إنه معطى لنا من فوق.
هـ- نصل الآن إلى النقطة الأخيرة في وظيفة الطقوس. إننا أخيراً ننتمي إلى الكنيسة بالطقوس عن طريق التأمل والتسبيح اللذين ترفعنا بهما إلى الله وتتحدنا به بالمحبة. إن وظيفة الطقوس التأملية هذه تتداخل مع سابقاتها كما هو واضح ولكن يمكن القول إن الطقوس (الليتورجيا) وجدت بالنتيجة من أجل تسبيح الله والاتحاد به. كل شيء في الطقوس مرتب من أجل التأمل بالله، من أجل الارتقاء بالنفس إلى أعلى درجات التأمل والمحبة، وقد قال القديس غريغوريوس النيصصي: إن نعمة التأمل الميستيكي ازدهار لنعمة المعمودية.
إن الطقوس تنطلق بنا من الحواس أولاً، فبناء الكنيسة بتصميمه الرمزي الدقيق، وقدس الأقداس المرتفع وقبة الضابط الكل والأيقونات المقدسة والبخور الذكي الرائحة والتراتيل الخشوعية.. كل ذلك يؤلف مثل مكان مقدس يدعو النفس إلى ترك اهتماماتها العادية والاتجاه بكليتها إلى عالم الله.. ورأينا كيف تقدم لنا الطقوس أسرار الخلاص في مثل زمان مقدس يربط زماننا بالحياة الأبدية. ومن خلال هذا المكان وهذا الزمان المقدسين تحثنا الطقوس وتحملنا على التطهير بعبارات التوبة وطلب الرحمة الكثيرة:(يا رب ارحم.يا رب ارحم. يا رب ارحم).
لأننا بدون تطهير وتوبة لا نستطيع الاقتراب من جبل الله المقدس بل نحترق ونجف (ونحن كثيراً ما نختبر ذلك). ثم تقدم لنا الطقوس المعاني السامية التي ترفع عقلنا نحو التأمل في الأسرار السماوية.
ففي كل خدمة من الخدم نجد المقاطع التي تتكلم بالإلهيات كما أن كل خدمة تجري على إيقاع عبارات التهليل والتمجيد (هلليلويا، هلليلويا، هلليلويا. لأن لك الملك والقوة والمجد.. لك ينبغي كل إكرام وسجود..) وهناك أيضاً خدم تأملية بكاملها تقريباً: إن مديح العذراء مثلاً بأبياته المتلاحقة المتصاعدة (السلام عليك يا عمقاً لا قرار له، افرحي أيتها السلم المصعدة إلى السماء، السلام عليك يا منارة كلية التذهب..) يرفعنا كعلى دولاب دائر يصعد بنا إلى أعلى قمم التأمل في السر العجيب، وينير أذهاننا برؤية جديدة للحياة. عندئذ كما يقول القديس غريغوريوس النيصصي (عقلنا المتطهر والمتلقن الأسرار الإلهية يتسامى فوق كل الطبيعة الحسية والرياح والسحب والنجوم، ويعبر حدود الأثير، وهناك في أجواء القلب النقية يسرح في الأعالي مع أجواق الملائكة السماويين يتمتع بالمشهد المغبوط إلى ما لا نهاية).
إن غاية الطقوس في كل هذا أن تصل بنا عن طريق الحواس والطبيعة المنظورة أولاً، وبالمعاني والتأملات ثانياً، إلى ما فوق الحواس وفوق المعاني، إلى الله الفائق كل عقل والفائق السبح (فوق المسبح وفوق المتعالي إلى الأبد).
ولكن الله كما نرى يبقى فوق كل إدراك،لا يُبلَغ إليه بالعقل، لا يُبلَغ إليه، كما يقول القديس نفسه، إلا باتحاد المحبة. ولذلك نرى الطقوس في وظيفتها التأملية هذه تتجه بالنتيجة لا إلى عقل الإنسان بل إلى قلبه مشحونة بالشوق الإلهي والحنين:(ليأتِ ملكوتك). الطقوس كلها تتطلع إلى اتجاه واحد:(ارسم علينا نور وجهك يا رب)، تنتظر الختن السماوي، تستعد لاستقبال ملك الكل:(هلموا لنطرح عنا كل اهتمام دنيوي.. قد نظرنا النور الحقيقي.. لأنك أنت هو تقديسنا)..
ولذلك فإن قمة الطقوس هي ذبيحة القداس الإلهي الذي يأتي فيه الرب نفسه ويبذل ذاته لكي نتعشى معه. إن الليتورجيا الجارية في الكنيسة، مستمدة من الليتورجيا القائمة في السماء، غايتها الأخيرة أن تتم أيضاً فينا على صعيد القلب:(هاأنذا واقف وأقرع). تلك هي وظيفة الطقوس التأملية: أن تجعلنا نفتح له.
خلاصة القول إن الطقوس تعطينا الله إجمالاً في ثلاثة صعد أو طرق لا تخلو من تداخل بين بعضها البعض:
أولاً: في الأسرار الكنسية : وفيها نأخذ نعمة الله عضوياً، نطعم بالله، نولد للحياة الإلهية.
ثانياً: في الجماعة : أي تعطينا الوسط الروحي، البيئة التي نعيش فيها كمسيحيين وننمو بالله.
ثالثاً: في التأمل : أي تعطينا الوسيلة والمرقاة التي نبلغ بها شخصياً وقلبياً إلى معرفة الله ومحبته والاتحاد به.
من أجل فهم الليتورجيا وعيشها
رهبنة دير مار جرجس الحرف